قبل أن تشرق الشمس، يفيق الآباء والأبناء والأمهات جميعهم في توقيت واحد قبل أن تلسعهم أشعة الشمس في بيوتهم المصنوعة من القش وجريد النخل.

يقتصر عملهم على رعي الأغنام والجمال ورعاية الأشجار التي يزرعونها على المياه الجوفية.

يقول عمر أحمد، إن الحياة هناك قاسية تشبه قسوة حرارة الرمال في عز الصيف إلا أنهم اعتادوها، فالأطفال الصغار لا يخشون السير في الظلام الدامس، ولا يخافون أيضًا السير في متعرجات الجبل نهارًا، بدوًا وكأن كل منهم دليل ماهر يعرف دروب الصحراء بل ويسخرها طوعه كما شاء، حتى النساء التي لم نلاحظهن سوى من بعيد كانت على ذات الدرجة يقومن بطهي الأكل وحلب الماشية والنوم في تلك العشش دون أي شعور بالخوف أو الريبة.

القهوة..

القهوة العربية لا تنقطع، فهي ذات مذاق خاص تطحن يدويًا على يد سكان الجبل، ويتم عملها بطريقة مختلفة تمامًا، حيث تغلى مثل الشاي على الفحم أو الحطب فضلًا عن أنها تغلى أكثر من مرة، وكذلك الشاي الذي لا ينقطع، فما يحضر أحد الرجال إلا وصب له الشاي فورًا، إضافة إلى الشيشة التي تصاحبها قطع الحشيش في بعض الأوقات، والتي اوضحها بعض الشباب أنها صارت من متلازمات العيش في الجبل.

منازل بدائية.. 

على الرغم من بدائية المنازل التي تُصنع من الأخشاب وزعف النخل والخوص، إلا أنهم يراعون أشياء تبدو هندسية حسب ما أخبرنا محمد العربي، والذي أوضح أنه نظرا للطبيعة الجبلية يراعي عدة أشياء في تصميم العشش، وهي أن تكون أبوابها في الشتاء تجاه الشمس، بحيث تكسبها الشمس بعض من الدفء للتغلب على برودة الجو فيما توضع قطع البلاستيك المفرودة على العشش لحمياتها من الأمطار، على أن ينزل المطر بجانب العشة وتمتص الأرض الرملية كافة المياه.

فيما تفتح أبواب العشش في الصيف عكس اتجاه الشمس شمالًا، باتجاه التيار الهوائي وتزال الأغطية البلاستيكية، ويضع بدلًا منها قش الأرز ويرش عليه الماء، حتى يجعل داخل العشة باردا ليل نهار، ويعتمدون في الإنارة على اللمبة الجاز أو على النار التي تقاد طوال الليل.

طقوس وعادات مستقلة فيما يتعلق بالطعام، فإن أكلاتهم تبدو مستقلة أيضا، حيث يعتمدون بنسبة تصل إلى 80% على "الفتة" والتي تقام بها كافة الوجبات، حيث يتم عمل جميع أنواع الخضار بالفتة، إضافة إلى فتة اللحمة، كما أنهم يعتمدون بنسبة كبيرة على لبن الإبل ولحوم الماعز، أما فيما يتعلق بالخبز فإن لهم طريقة مختلفة تماما في الخبز حيث يتم عجن الدقيق داخل أي إناء بلاستيكي ويتم تقطيعه على شكل دائري شبه الفطير لكنه أكثر سُمكا وتشل النار حتى تصل لدرجة تكاد تنصهر ثم تزاح من على السطح ويوضع الرغيف ومن ثم يغطى بالنار حتى ينضج.

العُرس في ليلة البدر..

على عكس الطقوس المعتادة في المدن التي تشابهت إلى حد كبير، بدت تقاليدهم مختلفة ومدهشة حسب ما عرفناها من عدد من الشباب والمشايخ الذين تحدثنا إليهم خلال جلسة الليل.

تستمر حلقات السمر والمرح حتى منتصف الشهر، حيث يقام الزفاف في اليوم الذي يكون فيه القمر بدرًا، طوال الـ 14 يوم تقام حفلات ما تسمى "الدحية"، وهي حلقات الغناء والحجل "الرقص"، ويجتمع شباب الجبل في شكل دائرة تصاحبهم سيدة منتقبة ترقص وسط الدائرة على انغام الغناء البدوي، كما يصاحب ذلك المشهد وضع "الرايات البيض" على العشش طوال تلك المدة.

يبدأ المهر من 10 آلاف جنيه فصاعد، ولا تتكلف الفتاة أية متطلبات أو لوازم حيث يتكفل العريس بكافة متطلباتها وعادة ما تكون الدخلة في عشة جديدة.

أما فيما يتعلق بأنواع الهدايا، فقد أخبرنا الشاب أحمد عمر، بأن من يريد أن يهادي العريس فيأتي له بخروف ثمين فضلًا عن أجولة الأرز والسكر، موضحًا أن الجلسات التي تسبق العرس يتلقى فيها العريس الهدايا، وكذلك أول يوم بعد الزواج وتقام الأفراح ليلة منتصف الشهر على انغام الطبل والرقص البدوي فقط دون اصطحاب أي أغاني من المدينة.

حلقات العريس على مدار منتصف الشهر تقابلها أيضًا جلسات للفتيات لدى العروسة، وتقام ذات الطقوس المتعلقة بالطبل والرقص إلا أنها لا تتلقى الهدايا مثل العريس، بل يمكن أن تتلقى هدايا خاصة بمتعلقات الفتاة مثل المكياج وأدوات التجميل التي غالبا ما تستعملها أيام العرس فقط.

في نهار العرس تنحر الذبائح وتعد الحلوى التي لم تكن تعد في السابق ويتم عمل فتة اللحم وكذلك أنواع من الطيور للعريس فقط.