الحلقة الثانية.. "بوابة المواطن" تكشف سلسلة أسرار كامب ديفيد.. خفايا كارتر وموقف السادات من الاستيطان
بالوثائق والتواريخ
كشفت برقية مؤرخة بـ10 أغسطس عام 1978، تم بعثها من السفارة الأمريكية في السعودية إلى وزارة الخارجية الأمريكية، عن لقاء عقد يوم 9 اغسطس من العام ذاته في مدينة الطائف جمع السفير الأمريكي، جون سي ويست، مع وزير الخارجية السعودي آنذاك، الأمير سعود الفيصل.
كشف تفاصيل
سبق وقد نوه عن البرقية التي كانت بتاريخ 10 أغسطس من عام 1978، لكن في محاولة لتوضيح أهم ما ورد فيها، فقد قال الأمير سعود خلال الاجتماع: "بشكل قاطع إنه اعتبر أن موقف السعودية من المفاوضات قد تم تحريفه، ولم يسع السعوديون لإنهاء المفاوضات"، تلك التفاصيل التي حرصت بوابة المواطن على الكشف عنها بالتفصيل، واليوم نستكمل الحلقة الثانية، وهو سرد تفصيلي، للأسرار الجديدة، التي تناولتها وكشفت عنها الخارجية الأمريكية.
مذكرات متبادلة
كشفت وزارة الخارجية الأمريكية ، عن الجزء الثاني من المذكرات
المتبادلة بين الإدارة الأمريكية من جانب، والقادة العرب وإسرائيل من جانب أخر، في
ما يتعلق بالصراع العربي الإسرائيلي، وذلك خلال الفترة من أغسطس 1977 إلى ديسمبر 1980،
ومن الأمور التي تضمنتها هذه المذكرات، العديد من الملاحظات والخطابات المكتوبة
بخط اليد من السفير الأمريكي لدى تل أبيب صموئيل لميس، والخطابات المتبادلة بين
الزعماء الثلاثة الأمريكي جيمي كارتر والإسرائيلي بيجن، والرئيس المصري أنور السادات،
بعد انتهاء قمة "كامب ديفيد" في
الولايات المتحدة، التي استمرت من 5 - 17 سبتمبر 1978، كما تضمنت الوثائق الصعوبات
والضغوط التي واجهها الزعماء الثلاثة بعد انتهاء المفاوضات وحتى التوصل لاتفاقية
السلام مع مصر.
دعوة للدعم والتأييد
تضمنت الوثائق الجديدة خطاباً مُرسلاً من الرئيس الأمريكي جيمي
كارتر، عقب عودته إلى واشنطن بعد انتهاء قمة كامب ديفيد، إلى الملك حسين ملك
الأردن، يدعوه فيه إلى دعم وتأييد مفاوضات كامب ديفيد بين السادات وبيجن، وجاء في
الخطاب الذي تم إرساله بتاريخ 19 سبتمبر 1978 وبحسب ما نوهت الخارجية الأمريكية: "لقد
أثبتت مصر وإسرائيل أنهما تريدان السلام. إنّ فشل جهودنا بسبب عدم وجود دعم من
القادة المعتدلين والمسؤولين في الدول العربية سيؤدي بالتأكيد إلى تعزيز العناصر
غير المسؤولة والراديكالية وسيعطي فرصة لزيادة النفوذ السوفياتي في جميع أنحاء
الشرق الأوسط. إنني أعتبر أن العمل المستقبلي على هذه الاتفاقية سيكون حاسماً
لتحقيق السلام في منطقتك المضطربة، وهو أمر حيوي للحفاظ على الاستقرار بين الشعوب
والدول، وللحفاظ على علاقات للولايات المتحدة مع الحكومات المعنية. أحتاج إلى دعمك
الشخصي القوي".
مراسلة حافظ الأسد
ولم يكتف كارتر بالتواصل مع الأردن
فقط،، فقد حرص على التواصل وحول نفس الشأن مع سوريا أيضا، حيث أرسل خطاباً آخر إلى الرئيس السوري حافظ الأسد جاء
فيه: "وثيقة الإطار العام التي وقّعتها مصر وإسرائيل تتناول على وجه التحديد
المبادئ التي تنطبق على جميع جبهات الصراع. ويظل قرار مجلس الأمن التابع للأمم
المتحدة رقم 242 بجميع أجزائه الأساس المتفق عليه لتسوية النزاع العربي -
الإسرائيلي. ويجب أن يكون هناك حل عادل لمشكلة اللاجئين يأخذ في الاعتبار قرارات
الأمم المتحدة المناسبة".
كارتر يشرح هدفه
حاول كارتر، أن يوضح هدفه من خطابه الذي أرسله لـ"حافظ
الأسد"، حيث نوه له أن المرحلة
الثانية من المفاوضات ستكون حول الوضع النهائي للضفة الغربية وغزة، وحول السلام
بين إسرائيل والأردن، مع مشاركة الفلسطينيين في تلك المفاوضات، والتأكيد على أن
هذه المفاوضات ينبغي أن تستند إلى مبادئ القرار 242، بما في ذلك انسحاب القوات
الإسرائيلية، مشيرا إلى ضرورة سماح نتائج هذه المفاوضات للفلسطينيين في الضفة
الغربية وقطاع غزة تقرير مصيرهم بأنفسهم. وقال كارتر حول هذا الشأن، وكيفما عرف
وكشف: "أعلم أن هناك العديد من القضايا التي لم نتمكن من حلها في كامب ديفيد.
لكنني أريد أن أؤكد لك التزامي الشخصي العميق بمواصلة المشاركة في البحث عن سلام
عادل ودائم في الشرق الأوسط. آمل أن تشاركني وجهة نظري. وسيقوم وزير الخارجية فانس
بزيارتكم في دمشق في 23 سبتمبر".
خطاب كارتر للرئيس السادات
ولا تزال جعبة الخارجية الأمريكية، تحفي الكثير، فقد أشارت الوثائق التابعة لها أنه وفي 25 سبتمبر 1978، أرسل الرئيس كارتر خطاباً خاصاً إلى الرئيس السادات جاء فيه: "يجب أن نسرع في ترجمة الوثائق الإطارية التي تم التوصل إليها إلى عملية تفاوضية يمكن أن تحل بسرعة القضايا المتبقية في سيناء، بينما تبدأ أيضاً في تنفيذ المراحل الأولى من الاتفاق على الضفة الغربية وغزة. سيناقش السفير إيلتس معكم وجهات نظري حول الكيفية التي يمكن بها حل بعض القضايا المثيرة للجدل في سيناء. يمكنك أن تطمئن بأنني ما زلت على استعداد لتقديم دعمي الكامل للإنجاز الناجح لمعاهدة السلام المصرية - الإسرائيلية، ولهذا السبب، أود أن أؤكد اعتقادي القوي بأن المحادثات حول سيناء يجب أن تبدأ دون تأخير بعد موافقة الكنيست مباشرة على اتفاقيات كامب ديفيد، وقد يكون من المرغوب أن يجتمع الجنرال الجمسي مع الوزير فايتسمان في واشنطن ليبحثا معاً ترتيبات أمن سيناء".
تشكيل حكومة للفلسطينيين
وأستطردت الوثائق لتوضح ما قاله كارتر للسادات وهو: "أشاركك
الاهتمام بضرورة البدء السريع في المحادثات للسماح للفلسطينيين بتشكيل حكومتهم،
وتنفيذ التزامات الضفة الغربية وغزة. وكما هو منصوص عليه في اتفاقية الإطار، يمكن
للفلسطينيين المشاركة في المحادثات كمستشارين للوفدين المصري والأردني منذ البداية،
وسأكون ممتناً لو أرسلت إليَّ أسماء الفلسطينيين الذين ستدرجهم في وفدكم، وكذلك في
ما يتعلق بالفلسطينيين من الضفة الغربية وغزة الذين ينبغي إشراكهم في مناقشات
ترتيبات الحكم الذاتي. أخيراً، نريد أن نتحرك بسرعة للعمل على استقرار الوضع في
لبنان. سوف يكون السفير إيلتس مستعداً لنقل وجهات نظرك إليَّ شخصياً حول هذه
القضية ذات الأهمية الحيوية".
كامب ديفيد ودوره في الأستيطان
تضمنت الوثائق أيضاً خطاباً من
السفارة الأمريكية بتل أبيب إلى وزارة الخارجية في واشنطن تحت عنوان "تجميد
الاستيطان" يذكر فيه السفير الأمريكي في إسرائيل أنه اجتمع مع موشيه ديان
منتصف يوم 26 سبتمبر لمناقشة مسألة تجميد المستوطنات الجديدة في الضفة الغربية
وغزة، وطلب منه شرح الموقف الإسرائيلي في هذا الصدد، وجاء في الخطاب على لسان
السفير الأمريكي بتل أبيب: "قال ديان إنه تحدث إلى مناحم بيغن صباح اليوم
بشأن مسألة تجميد الاستيطان، وتمت صياغة خطاب بهذا الأمر إلى الرئيس الإسرائيلي
لكن لم يتم توقيعه بعد، وسيتم إرساله اليوم أو غدا بعد عودة الرئيس من الولايات
المتحدة."
إلتزام أمام السادات
وعند النظر للوثائق والخفايا، يتضح أنه ووفقاً لملاحظات باراك
أهاروني المستشار القانوني لرئيس الوزراء الإسرائيلي، لمناحيم بيجن فإن بيجن أراد
التفكير في الصياغة التي سيقدم بها الخطاب للرئيس السادات، على أن يحدد فيها مدة
تجميد الاستيطان، وأنه سيلزم نفسه أمام السادات بتجميد الاستيطان في الضفة وغزة لمدة 3 أشهر فقط، وهو عكس ما تم
الاتفاق عليه في كامب ديفيد.
دور الملك حسين
وفقا للوثائق وما عرف من أسرار، فقد قام الملك حسين، بجولة خليجية حتى يعرف موقف
القادة العرب من مفاوضات كامب ديفيد حتى يحدد موقفه منها، حينها أدرك أن القطريين
قلقون بشأن ضغوط يمكن أن تأتي من العراق، كما أخبرته الكويت بأن العراقيين قلقون
بشأن ما سيحدث لو تم إسقاط شاه إيران.