"صور" .. عمال النظافة .. عن الجنود المجهولين في شوارع مصر أيام العيد
الجمعة 15/يونيو/2018 - 01:27 ص
كتب: وسيم عفيفي - تصوير: محمد بدير ومحمود الدايح
طباعة
كل واحد منهم لن يقضي العيد في منزله والسبب طبيعة وظيفتهم، إلا أن حقيقة عمل عمال النظافة في أيام عيد الفطر 2018 م، مسؤلية قبل أن تكون وظيفة، أعمارهم بين الثلاثينيات وحتى منتصف الخمسينيات، يتجولون في شوارع القاهرة الساهرة التي تكتظ بالناس زحاماً وجلوساً وتجولاً وفسحاً في ليلة العيد، مكنستهم بالكاد تصل إلى قامتهم، ويجوبون خلف الناس ليزيلون قمامتهم تجميلاً للشكل العام الذي يجب أن تتميز به مصر باعتبارها هي الدولة العربية الأولى التي تكون عليها الأنظار إعلامياً وواقعياً.
عامل نظافة عجوز
في داخل كل واحد من عمال النظافة حكاية تجر رواية، فالجالس أرضاً يضع يده على رأسه المحتلة بتساؤلات التفكير، هل سيكون العمل شاقاً أم سيراعي الناس ما أتكبده من مسؤليات خاصةً وأن الصحة تم استهلاكها في تلك الوظيفة.
ووسط النظرات العابرة للشوارع الباهرة بالناس الساهرة يذهب فكره إلى التخيل ليرى أسرته التي كان من المفترض أن يقضي ليلة العيد معها، إلا أن أبشع ما يمكن أن يتخيله هو مرور ابنه أو بنته مع أصدقاءهم أثناء العمل، وبالتالي يلجأ إلى رحمة الله في ستره أن لا يعرض أبناءه لهذا الموقف الحرج.
ووسط النظرات العابرة للشوارع الباهرة بالناس الساهرة يذهب فكره إلى التخيل ليرى أسرته التي كان من المفترض أن يقضي ليلة العيد معها، إلا أن أبشع ما يمكن أن يتخيله هو مرور ابنه أو بنته مع أصدقاءهم أثناء العمل، وبالتالي يلجأ إلى رحمة الله في ستره أن لا يعرض أبناءه لهذا الموقف الحرج.
عاملي نظافة
رجلين من عمال النظافة يتجولان سيراً وكأنهما ينقبان عن أي قمامة ليكنساها، وفي نفس الوقت يجران شريط ذكرياتهما في الطريق أيام ما كانا طفلين يتجولان في الشوارع فرحاً بالعيد على صوت أم كلثوم وهو يصدح بـ "يا ليلة العيد آنستينا".
السجارة السوبر أو الكليوباترا تؤنس وحشة الذكريات وهما يتبادلان الحديث، بينهما عيونهما التي تحجر فيها الدمع بالتصميم تنظران إلى تجول الناس في الشارع خشية أن تزداد القمامة، وبالتالي يعيدون عملهم مرة أخرى.
الإشكالية أنهما في وسط الزحام لا يلقيان أي تقدير، فنظرات الناس لهما عابرة وتجول الأشخاص بجانبهم أسرع من عفار التراب الذي يكنساه وهو مختلط بالعلب الفارغة والمناديل الورقية المهلهلة، فضلاً عن الأكياس ونحو ذلك.
ذابت الأحذية سيراً وبدا أصابع أرجلهما من مقدمة كل حذاء، بفعل المشي والركض والجلوس، وفي نفس الوقت لا زالت العمامة البيضاء ناصعة وهما على يقين أن اللون الأبيض سيتحول إلى رمادي بفعل العَفَار.
السجارة السوبر أو الكليوباترا تؤنس وحشة الذكريات وهما يتبادلان الحديث، بينهما عيونهما التي تحجر فيها الدمع بالتصميم تنظران إلى تجول الناس في الشارع خشية أن تزداد القمامة، وبالتالي يعيدون عملهم مرة أخرى.
الإشكالية أنهما في وسط الزحام لا يلقيان أي تقدير، فنظرات الناس لهما عابرة وتجول الأشخاص بجانبهم أسرع من عفار التراب الذي يكنساه وهو مختلط بالعلب الفارغة والمناديل الورقية المهلهلة، فضلاً عن الأكياس ونحو ذلك.
ذابت الأحذية سيراً وبدا أصابع أرجلهما من مقدمة كل حذاء، بفعل المشي والركض والجلوس، وفي نفس الوقت لا زالت العمامة البيضاء ناصعة وهما على يقين أن اللون الأبيض سيتحول إلى رمادي بفعل العَفَار.
عامل نظافة شاب
كل هؤلاء موظفي حكومة يتبعون وزارة البيئة، أما حال الشاب الذي يعمل لدى الشركة الخاصة يبدو صعباً، ليس على نفسيته فهو تقبل عمله وأمسك بالمكنسة وفيه إصرار وإصبعه يشير للمارة بتوجيهات من أجل الوجه الجمالي لليلة العيد، إلا أن هناك وميض من الذكريات يختلط مع أحبال الأمنيات الذي يشنق أي رجاء لديه في أن تظل الشوارع نظيفة.
شبابه لم ينظر له أنه ثمن راح هدراً في وظيفة ربما لم يكن يتمناها وهو في مقتبل العمر، غير أنه يخلص في مهنته هذه رغم أوجاع روحه الشبابية، فهو إما خاطب لفتاة عشرينية تمنى أن يتجول معها كبقية الناس، أو متزوج حديثاً ويشعر بالحسرة إزاء غيابه عن عش الزوجية في تلك الليلة.
رغم كل حكاية تتوارى خلف ملامح عمال النظافة، إلا أن الشيء الثابت الذي يسيطر على المشهد، أن هؤلاء العمال هم الجنود المجهولين لليلة عيد الفطر، وعليه فإن كان الناس متفهمين لهذا، فعليهم أيضاً أن يتعاملوا معهم باحترام، ليس في أسلوب التعامل وإنما في سلوك النظافة المفترض تواجدها أثناء قضاءهم لفسحة ليلة عيد الفطر وأيامه القادمة.
شبابه لم ينظر له أنه ثمن راح هدراً في وظيفة ربما لم يكن يتمناها وهو في مقتبل العمر، غير أنه يخلص في مهنته هذه رغم أوجاع روحه الشبابية، فهو إما خاطب لفتاة عشرينية تمنى أن يتجول معها كبقية الناس، أو متزوج حديثاً ويشعر بالحسرة إزاء غيابه عن عش الزوجية في تلك الليلة.
رغم كل حكاية تتوارى خلف ملامح عمال النظافة، إلا أن الشيء الثابت الذي يسيطر على المشهد، أن هؤلاء العمال هم الجنود المجهولين لليلة عيد الفطر، وعليه فإن كان الناس متفهمين لهذا، فعليهم أيضاً أن يتعاملوا معهم باحترام، ليس في أسلوب التعامل وإنما في سلوك النظافة المفترض تواجدها أثناء قضاءهم لفسحة ليلة عيد الفطر وأيامه القادمة.