"قانون جاستا" دبلوماسية دولية من الطراز الابتزازي .. الأزمة بين أمريكا و السعودية إلى أين ؟
الأربعاء 12/سبتمبر/2018 - 09:01 ص
شيماء اليوسف
طباعة
منذ قرابة عامين أقر الكونجرس الأمريكي قانون " جاستا " و بمقتضاه تستطيع مقاضاة السعودية على خلفية أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001م، يوم أن أصبحت نيويورك كومة من الغبار و الجحيم، و قد اتهمت الإدارة 15 شخصا يحملون جنسية المملكة العربية السعودية بالتورط في ذلك الحادث على رأسهم أسامة بن لادن.
و يعد الغرض من القانون السماح للمدنيين الحصول على تعويض من الأشخاص و الجهات و الدول الأجنبية التي دعمت بأي شكل المنظمات الإرهابية التي تدير النشاط الإرهابي ضد الولايات المتحدة بما يتفق مع الدستور الأمريكي.
و قد منحت المادة الثالثة من القانون الأمريكي الأحقية لمواطنيها في تقديم دعوى قضائية ضد أي دولة أجنبية بواقع نص هذه المادة، التي أزالت الحصون عن الدول قبال السلطات القضائية الأمريكية في أي قضية يتم فيها المطالبة بتعويضات مالية من دول أجنبية، جراء إصابات مادية لحقت بأفراد أو ممتلكات أو نتيجة لعمل إرهابي أو أفعال تصدر من أي مسئول أو موظف أو وكيل بتلك الدولة أثناء فترة توليه منصبه بغض النظر إذا كانت العمليات الإرهابية تمت أم لا .
تداعيات حول قانون جاستا:
باعتبار أن بارك أوباما رئيس أمريكا السابق، كان رجل قانون فقد حذر من قانون "جاستا" مؤكدا في تحذيره أنه لا يخدم المصالح الأمريكية بل ويعرض القضاء الأمريكي لقوانين مشابهة، لكونه سيفتح الطرق أمام مقاضاة أمريكا من قبل الأفراد المتضررين بشأن التدخلات الأمريكية داخل السياسية الداخلية لكثير من البلاد لاسيما الشرق المنطقة العربية .
و بموجب رأي أوباما، فأن أمريكا من الواجب مقاضاتها أمام اليابان جراء النووية في " هيروشيما" و نجازكي، و كذلك أمام قضاء أفغانستان و فيتنام و اندونيسيا و العراق و الهند و فلسطين و الصومال و كوريا الشمالية و النيجر و بذلك فإن أمريكا كلها ستكون تعويض و ثأر لمساكين العالم و الشعوب التي استبيح ضعفها .
لقد تأسست العلاقات الدولية على مبدأ المساواة في السيادة، و غدم فرض القوانين الداخلية على الدول الأخرى وبهذا فإن قانون " جاستا" يخالف ميثاق الأمم المتحدة و مبادئ القانون الدولي، بل ويضع هذا القانون العديد من الدول الأوروبية الأخرى في حرج كبير، خاصة بريطانيا وفرنسا، لما تورطا فيه من أعمال عسكرية خارج حدودهم.
على غرار تحذير أوباما من القانون حذر جون برينان، مدير المخابرات المركزية ، من خطورة القانون على الأمن القومي الأمريكي مستشهدا بمبدأ الحصانة السياسية الذي من شأنه حماية المسئولين الأمريكيين مما يعرضهم للخطر خاصة الموجودين خارج أمريكا و الجدير بالذكر تحذيرات الاتحاد الأوروبي بشأن اعتماد القانون الذي قد يدفع بلدان أخرى لتطبيق نفس المبدأ.
كيف ترد السعودية على قانون أمريكا :
بعد هبوط الريال السعودي بشكل متوسط مقابل الدولار الأمريكي في سوق العملة خاصة بعد التصويت على القانون، و باعتبار السعودية المستثمر رقم 15 في لائحة مالكي أصول الخزانة الأمريكية يمكنها من وضع المصالح الأمريكية تحت رحمة السعودية و تجفيف الدعم الاقتصادي السعودي للولايات إضافة إلى تجفيف الاستثمار يضع الاقتصاد الأمريكي في أزمة قد تؤدي بحياة أمريكا، إلى جانب تجميد الاتصالات الرسمية و لتنفيذ التضييق بشكل أكثر نجاحا، إقناع دول الخليج بالسير على خطى السعودية في الحصار الاقتصادي ضد أمريكا.
المواجهات القانونية بين السعودية و الولايات المتحدة على شفا حفرة من الفزع، خاصة بعدما طالبت من قاضي أمريكي رفض 25 دعوى قضائية تتهم السعودية بالتورط في التخطيط لشن و تنفيذ هجمات الحادي عشر من سبتمبر، و مازالت الإدارة الأمريكية تدفع و تشحن مواطنيها ضد السعودية استنادا على مبدأ قانون " العدالة ضد رعاة الإرهاب ".