نجحت دينا الهواري من خلال فن تزيين الكيك أو النحت بالسكر أن تلقي الضوء على عبقرية الابداع للطرق المستحدثة فى تزيين «التورت والجاتوهات» تجذبك ألوانها المبهجة التي تبدو وكأنها نحت فعلي لتماثيل حقيقية وليس مجرد طرق جديدة تستخدم التجليد أو التفريز في تزيين الكيك، حتى وإن كان مصرح به عالميا، يجر نظر التمثال، لا تظن تماما أنه مجرد كيك هذا للتقارب لكبير بينه وبين الشخصيات المنحوتة أو الأماكن أو أشياء ثلاثية الأبعاد.

كيك دينا الهواري يصرخ في وجه المجتمع

تقول دنيا الهواري لـ "بوابة المواطن" أن أكثر ما تستنكره هو عدم قبول بعض الأشخاص لفكرة نحت الكيك، ربما تكون دينا الأولى من نوعها في مصر التي تستطيع أن تشكل الكيك بملامح الأفراد، وإن كان الأمر ليس مألوفا أو غريبا أن يرى شخص ملامحه في عجينة من السكر ثم يأكلها، وإن تعددت الأسباب لعدم قبولهم فحتما ستجعلهم الظروف فيما بعد يقبلونها، تعتبر دينا الهواري، أن والديها هما سند التشجيع خلف ظهرها، فهما يشجعاها وينتظران منها كل جديد. 

أحبت دينا الهواري مجال نحت الكيك، بالرغم من اختلاف هذا المجال تماما مع دراستها، حيث أنها تخرجت في كلية العلوم وانتظمت في قسم الكيمياء الحيوية والتغذية، الموهبة جعلتها تسلك طريق أخر، بدأت معها القصة منذ طفولتها حينما ظهرت بوادر الموهبة وكانت تحب الرسم حيث تقلد رسم الشخصيات من خلال نقلها من الصور.

كررت دينا الهواري تجربتها مع الرسم مرات كثيرة، فلم يكن الرسم مجرد عابر طريق في رحلات حياتها، واستطاعت أن ترسم الصور فيما يتفق تماما من ناحية الشكل مع الصور الحقيقية للأشخاص، كبر الحلم معها كلما كبرت حتى وصلت للثانوية العامة وعلق حلم الرسم على  بوابة كلية الفنون الجميلة فأضحت محط أنظارها، لكن القدر حال بينها وبين دخولها لكلية الفنون الجميلة.

استكملت دينا الهواري مرغمة على استكمال حياتها الدراسية داخل حرم كلية العلوم، وتابعت دراستها الأكاديمية بتحضير دبلومة في مجال الكيمياء التحليلية، وظلت الموهبة على مقربة من خيالها، ترافق ذهنها تخرج من بين الأوراق المبعثرة حولها، لكنها لم تمت فلم تلق أمامها إلا أن تضع يدها على نبضات قلب حلمها وتطمئنه ثم بدأت في تصميم أشكال بسيطة من الكيك في المناسبات الخاصة بأعياد الميلاد بين أقاربها وأصدقائها.

تقول دينا الهواري لـ "بوابة المواطن" أن الكثير من الأشخاص هاجمهوها رافضين فكرة نحت الأشخاص من الكيك، وإن انتشرت هذه الفكرة سوف تصبح مقبولة للجميع، وفي وسط الهجوم والاستمرار رزقها الله بزوج أحبها وأحب موهبتها وحرص على تشجيعها وتنمية موهبتها، فإن كانوا يقولون في الأمثال والحكم أن وراء كل رجل عظيم امرأة، فإن كل امرأة عظيمة يدفعها رجل بنيانه مرصوص بشيم الرجال لا أنصافهم أو أشباههم.

بدأت دينا الهواري رحلتها مع نحت الكيك، وصناعة تماثيل السكر، بصناعة تورت منحوتة من السكر لوالدها، دفعها اصرارها أن تجعلها هذه المرة ملفتة ومختلفة تماما عما صنعته من قبل، وكأنها كانت تؤكد لنفسها أنها جديرة بالتحدي، ونجحت بالفعل في لفت انتباه الجميع من حلوها، لاسيما وأن ارتفاع التورتة بلغ 35 سم، ولاقت اعجاب الكثير ممن كانوا حاضرين.

اشتهرت دينا الهواري بين عائلتها وجيرانها لاسيما بعد أن صنعت لوالدها كيك السكر، وتوالت عليها الطلبات في مختلف المناسبات، ومن هنا زادت رغبتها في نشر أعمالها، حتى بدأت تنشره عبر حسابها على موقع التواصل الادتماعي "فيس بوك" ووجدت استحسان واعجاب كثير ممن رأوا أعمالها، حتى أن أصدقائها بدأوا يطلبون منها أن تصنع لهم بشكل فردي كيك، حيث كان يرسلون لها  صورهم وتقوم بنحتها على الكيك.

أخذت الفكرة والموهبة تتمحور داخل روح دينا الهواري، فتطلعت إلى المشلاركة في المهرجانات المتخصصة في مجال صناعة  ونحت كيك السكر، وكان أول هذه المشاركات مهرجان "الكوزين" بالرغم من رفض مشاركتها فيه خلال دورات سابقة له، لكن أحد أعضاء لجنة التحكيم في المهرجان تواصل معها هاتفيا وأكد على مشاركنها، وفي أول تحدي حقيقي لها وقف زوجها خلف ظهرها يدعمها ويشجعها.

خاضت دينا الهواري التجربة وانضمت لسلسلة المشاركين في المهرجان، لكنها فوجئت باعجاب الحضور وقد قدمت تورتة لـ "بوب مارلي وجاك سبارو"  وعندما أطلق العديد من الفنانين وصناع الكيك المصريين والعرب دعوة لنصرة القدس، على طريقتهم الخاصة كانت الهواري أول المتقدمين، وقد قدموا العديد من الأشكال والنماذج التي تدور حول قضية القدس ومعاناة الفلسطينيين، لاسيما بعد قرار ترامب بنقل سفارة أمريكا إلى القدس واعتبارها عاصمة لإسرائيل.

ساهمت دينا الهواري في هذه المبادرة من خلال صناعة كيكة على هيئة طفل يحمل معطف فلسطيني شعبي شهير، ويرتدي ثوب من علم فلسطين، تظهر على وجهه صرخة شارخة يرفض فيها ما يحدث لبلاده، لاسيما أن الطفل يدور حوله سلك شائك يلتف حوله إلا أنه يقاوم ويتحدى ويصر على الصمود.