مقام سيدي الأربعين.. قصة تكشف تمسك البسطاء بالأضرحة و تقديسها
الأربعاء 22/أغسطس/2018 - 07:24 م
شيماء اليوسف
طباعة
عادة ما يتمسك البسطاء بثقافة التبرك بالمقامات والأضرحة، رغم أن العلماء يستنكرونها ويرفضونها; بحكم الدين وقد حرم الإسلام الدعاء لغير الله، فقد قال تعالى: ; وإن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا "
وقد أرسل الله رسله لهداية الناس ونصحهم وليشهدوا بأن الله واحد أحد.
وتختلف نظرة الناس للأضرحة من مكان إلى كنت تختلف قصص أصحاب المقامات، بعضها قد يكون حقيقيا، والبعض الآخر يشبه إلى حد كبير الخرافات وكأنها تماثل تماما روايات الجدة، التي; كانت تطرقها على مسامعنا ونحن صغار، إلا أنها كنت تدرك جيدا أن حكايتها عبارة عن نصوص روائية أسطورية لا تمت الواقع بصلة.
ويحكي، الحج مرزوق حسين حسانين، 65 عام، أحد ساكني قرية زعبرة، التابعة لمركز ديرمواس بمحافظة المنيا، عن مقام ; سيدي الأربعين ; بالقرية، أن والده قد أملى عليه قصة ; سيدي الأربعين ; الغامرة بالدراما الخرافية.
فحكى أن رجلا فقيرا كان يعيش على أطراف بلدة نائية، في إحدى الحقب الزمنية السحيقة، فضاق به الحال، حتى تأزما، فسار في الأرض يدب الحصى، بقدم البؤس يعتريه الأسى والحزن والخذلان، التقى في طريقه برجل زاهد يتعبد في صومعته، سأله إلى أين تمضي ؟ فقال له: أني ماض حيث باب الله.. لأساله عن رزقي في الدنيا.. فضحك منه الزاهد وقال: كيف ترى الله يا هذا ؟ ثم أجلسه وضايفه وقدم له طعاما وشرابا وعندما هم بالانصراف قال له الزاهد: إذا قابلت الله فاسأله عن مصيري، هل سأدخل الجنة أم النار ؟
استكمل الرجل الأربعين مضيه، وضاق به الحال أكثر حتى التقى بتسعة وثلاثين لصا، فسألوه من أنت; وأين ذاهب ؟ أجباهم بأنه رجل يسعى للقاء الله ليسأله عن رزقه فضحكوا، ثم أخبروه أنهم ; لصوص ; مهنتهم السرقة لأجل قوت يومهم فقط.. ثم عرضوا عليه أن يكمل أربعينيتهم ويعمل معهم كرقيب على المسروقات، فرفض الرجل ثم استعد للرحيل، فقالوا له: إذا قابلت الله فاسأله عن مصيرنا هل سندخل النار ؟
سار الرجل في طريقه حتى قابله رجل صالح فسأله عن باب الله فقال له: لماذا اسأل عن الله ؟ قال: حتى اسأله عن رزقي ومصير الآخرين، فقال له: الزاهد سيدخل النار لأنه بخل بفضل الله على عباد الله واللصوص سيدخلون الجنة لأنهم سيستغفرون الله عن ذنوبهم ويتوبون.. اما أنت، فعلى يمين جدار بيتك كنت.. ثم اختفى الرجل..
عاد الأربعين إلى بيته فوجد الكنز.. وذهب به إلى اللصوص فاعطاهم مما رزق، فاستغفروا ربهم وتابوا، ثم انتشروا في الأرض يدعون إلى الله واستقر كل واحد منهم في قرية، حيث ذهب الشيخ أبوالعيون في قرية دشلوط بمحافظة أسيوط، والشيخ التلاوي في قرية التل الشرقي في المنيا والشيخ منصور في قرية دلجا بالمنيا وكان أخرهم الشيخ الأربعين في قرية زعبرة، ولما مات أنشأ له أهل القرية ضريحا ليتخذوه أيوة لهم في العمل الصالح.
الناس يصدقون الخرافات بل ويؤمنون بها، ويقدمون النذر والقرابين لهذا الأربعين ليتقرب لهم إلى الله، كي يلبي رغباتهم ويجيب دعواتهم;، وكان السبب الرئيس في نشر فكرة المقامات والأضرحة للشيوخ والصالحين هم ; الصوفيون; بغرض التآسي بهم والأخذ بهم كقدوة ومثل في التعبد والذكر.. لكن الناس وصلوا إلى حد عبادتهم وجعلوا لهم موضعا مقدسا، يشعلون لهم الشموع والبخور ويشترون لهم كسوة ويطعمون الفقراء على حبهم وهي جهالة منقطعة النظير فلا حاجب بين الله وعباده ولا وسيط.